· أنا رجل شارع لم أجرب حياة الرفاهية .
· الثقافة ليست في الكتب وإنما في حركة الحياة .
· سأكتشف عوالم جديدة لأن طاقتي علي الصبر لا تنفذ .
· أنا إمتداد للموال والسير الشعبية .
· القصة القصيرة كجرعة الدواء الفورية لمشاكل المجتمع .
حوار : هبة إسماعيل
خيري شلبي مؤرخ لطبقة المهمشين التي عايشها لفترة طويلة وعبر عنها علي مدار ثلاثين عام فهو موال لا ينتهي وحدوتة مصرية بمعني الكلمة ، صدر له حديثا مجموعة قصصية بعنوان " ما ليس يضمنه أحد " الصادرة عن سلسلة كتاب اليوم وتضم 19 قصة قصيرة يرصد من خلالها العديد من المشاكل الإجتماعية في مجتمعنا منها " أكل العيال، العفاريت التي تسكننا ، مشوار مبهم ، نفايات ذاتية ، شفاء الغل ، بكوية فى سوق الكانتو"
ويعد شلبى أحد الروائيين البارزين في مصر بعد مسيرة حافلة حصد خلالها جائزة الدولة التشجيعية فى الآداب عام 1981، والتقديرية عام 2005، وقدم للمكتبة العربية مجموعات قصصية و روايات مثل "ثلاثية الأمالى"، "وكالة عطية" ، "زهرة الخشخاش" و" صحراء المماليك" و"سارق الفرح" والعديد من المؤلفات التى اثرت المكتبة العربية وكان هذا الحوار
كتابتك لمجموعة قصصية الآن هل هو انتصار للقصة التي أهملها معظم الكتاب ؟
- كل الكتاب المصريين والعرب بدءوا بكتابة القصة القصيرة لأن الأدب العربي نشأ في حضن القصة القصيرة إبتدء من يحيي حقي ويوسف ادريس لكن أغرتنا الرواية بعد نجاحها مع نجيب محفوظ وتجارب طه حسين والمازني فاجتذبتهم ،لكن حنين الكتابة للقصة القصيرة لا تترك الكاتب فالكاتب عنده دائما افكار لا تصلح الا ان تكون قصة قصيرة وأنا عن نفسي طول عمري اجد عندي أفكار لا تصلح غير قصة فكتبت 9 مجموعات قصصية مثل " الدساس ، سارق الفرح ، أسباب للكي بالنار وغيرها " وأخرهم المجموعة الجديدة " ماليس يضمنه أحد " فلم أتوقف عن كتابة القصة في يوم من الأيام حتي زملائي من الكتاب عندهم مشروع قصة وان غلب عليهم كتابة الرواية فالآن هناك حالة بعث وازدهار للقصة القصيرة .
- هل تري أن غزارة الإنتاج ترتبط بالموهبة ؟
- نعم فالكم الكثير هو السبيل الصحيح لانتاج كم جيد فالكاتب الذي يكتب كثيرا يزداد مرونة وخبرة ويستكشف أدوات جديدة وأفكار وأشكال فنية جديدة لن يصل لها إلا بالتمرين فهي كالرياضة ان توقفت عنها لفترة تتيبس عضلاتك فأتذكر "بيغانيني" عازف الكمان الشهير فيقول " اذا توقفت ثلاث ايام عن العزف يشعر الجمهور اني لست علي مايرام واذا توقفت يومين يشعر النقاد اني لست علي ما يرام واذا توقفت يوم عن العزف أنا الوحيد الذي يشعر اني لست علي مايرام " فالتدريب مهم جدا للفنان والكاتب وبالتالي الكتابة الغزيرة تؤدي بالضرورة لكتابة جيدة .
- تعتبر مؤرخ لعالم المهمشين فأي منكم إجتذب الأخر؟
- أكتب عن المهمشين لأنهم أهلي لأننا من هؤلاء المهمشين فهم القاعدة العامة للشعب المصري الذي تم تهميشه بعد ثورة يوليو "إتركن علي الرف " علي الرغم ان الدعوة التي خرجت بها ثورة يوليو كانت تزعم انها جماهيرية وانها لصالح الشعب لكن الحقيقة ان المصريين تم تهميشهم لصالح فقة معينة سموها أحيانا هيئة التحرير وسموها الإتحاد الإشتراكي والتنظيم الطليعي ثم من سموهم أهل الثقة الذين فضلوهم علي أهل الخبرة في نظر الثورة تم تهميش الشعب المصري حتي اليوم فمن يقترب من الجهاز الحاكم هم أهل الثقة وليسوا بالضرورة أهل الأمانة أو أهل الخبرة أو الوطنية فعندما أكتب عن المهمشين ليس أختيار فهو الواقع فأنا أعبر عن أهلي وأنا رجل شارع لم أجرب الرفاهية في يوم من الأيام ودائما قريب من الناس اللي معندهمش ولا يملكون شيئ ويسعون وراء قوتهم يوم بيوم فأزعم أني خبير بأزمات الشعب المصري وحياة القاع ومن يسموهم أطفال الشوارع كنت في يوم من الأيام صديق لهم في الشارع فهذه مهمة الكاتب الذي يريد أن يكون له دور في مجتمعه .
- هل تري أن جيلك قام بهذا الدور ؟
- كل جيل بيأدي دور والتغيير يأتي علي إيقاع بطيء جدا فالتغيير الحقيقي يأتي علي مهل ولكن كل جيل يلعب دور فيترك أثر فلا شك أن جيل نجيب محفوظ وإحسان عبد القدوس تركوا أثر في المجتمع والجيل السابق عليهم يحيي حقي والمازني وجيل الرواد وجيلنا أيضا ترك أثر وان كان غير ملحوظ لأن أثار الأجيال لا تظهر علي السطح ولكن تظهر بعد حين في أجيال جديدة فأزعم أن أثارنا واضحة في الجيل الجديد وبقوة مثلما ظهرت أثار الجيل السابق علينا ومن المؤكد أن جيلنا ترك أثرا في شباب الكتاب وسيترك أثرا في الأجيال القادمة أيضا .
- هل تري أن الجيل الجديد يمتلك مشروع واضح ؟
- كل جيل ليس بالضرورة أن يبقوا متثقين مع بعض كأنهم جيش يؤدي مهمة معينة فكل جيل به مجموعة من الكفائات كل واحد منهم يمثل اسلوب معين واتجاه معين ومن مجموع هذه الاساليب الموضوعية يتكون مانسمية بالجيل، فالجيل ما هو إلا مجموعة كفائات لها تأثير ما وليس بالضرورة يكونوا متثقين ولكنهم متأثرين بمناخ واحد فالقضاية واحدة لكن كل منهم يعبر بطريقته الخاصة وهذا تنوع في الأداء وهو مهم لأن الطبيعة قائمة علي التنوع وهذا وأضح في الجيل السابق والحالي .
- ظللت فترة طويلة تكتب داخل المقابر ماذا جذبك لهذا المكان ؟
- لم تكن مقابر هو حي سكني متاخم لمقابر "المجاورين" بالدراسة وما جذبني له فهو من حيث المكان يشبة القاهرة القديمة التي احبها وبها قدر من الهدوء وهناك ناس علي شيء من البدائية الانسانية محتفظ ببكارته فالمدينة لم تفسدة تماما والدفء الذي يربط هؤلاء السكان ببعض ولم اكن اقصد ان اتواجد في هذا المكان فقادتني اليه الصدفة ثم اكتشفته ومكثت فيه حتي اليوم منذ 30 عام ولازلت أجد فيه الراحة النفسية والجو الهاديء والمناخ الصحي لأنها منطقة عالية .
- وماذا إكتشفت فيه ككاتب ؟
- اكتشفته كمكان يصلح للحياة بصرف النظر أن هناك ناس أكتب عنهم فهو مكان صالح أن يعيش فيه الانسان في هدوء بعيدا عن المشاكل التافهة التي تفرضها المدينة علي الانسان ولا يوجد فيها القيل والقال قالناس بسيطة وغير معقدة فكل يوم أكتشف أعماق جديدة بهذا المكان ونوع جديد من الحياة لم أكن أعرفه وشخصيات جديدة توسع أفق الحياة امامي وتظهر ان هناك نماذج اخري للانسان بعيدا عن التي تعيش في القاهرة تستحق أن تنتبه لها وتكتب عنها وأظن اني سأكتشف أكثر وأكثر بقربي من هذا العالم لانه لاينفذ ولكن الذي ينفذ هو طاقتنا علي الصبر فحينما يتسرب الينا الملل ونفقد قدرتنا علي الصبر سنرحل واذا احتفظنا بقدرتنا علي الجلد سنكتشف الكثيرمما يفيدنا وأهمها هو المزيد من الحكمة وفهم الحياة والناس لان الثقافة ليست في الكتب وانما في حركة الحياة التي يتولد عنها معارف واكتشافات .
- تناولت عالم السجون في " صحراء المماليك " بدقة رغم أنك لم تسجن أبدا ؟
- صحراء المماليك كان البطل فيه سجان وجلاد فكان لابد ان اصور حياته مع المساجين وهو يعذبهم ثم متابعة حالته هو فأصبح بدورة معذبا شأن اي انسان يرتكب الأثام ضد البشر وهو مثلهم وحينما تنسحب عنه الأضواء تستيقظ في نفسه الاشباح التي عذبها والتي تألمت بسببه وتولت هي تعذيبة ، وانا لم أسجن لاني لم اشتغل في السياسة فالذين يسجنوا من هم يناوئون السلطة ومشتركين في تنظيمات سياسية ولهم مواقف من السلطة وانا كان موقفي من خلال الأدب وكتاباتي ومثلي نجيب محفوظ ويحيي حقي لم يسجنوا ولكن مواقفنا كانت ملحوظة من خلال كتاباتنا فالذين تعرضوا للسجن أعضاء التنظيمات السرية من الماركسيين والاخوان وانا لم أكن مع أي من الطرفين .
- هل تري أن قلة ظهورك الإعلامي أثر علي مسيرتك وحصولك علي الجوائز ؟
- عدم الظهور الاعلامي يؤثر بشكل مؤقت لأن لا يصح غير الصحيح في النهاية فيمكن ان يتأخر التقدير ولكنه قادم لا محالة فهناك كتاب موهوبون في الدعاية لأنفسهم ولهم علاقات عامة واسعة يستخدموها وانا لست من هؤلاء فانا كل موهبتي تنحصر في الكتابة لذلك انتاجي غزير لاني متفرغ للكتابة فقط ولا ابزل اي جهد للدعاية لنفسي أو التعريف بي أو عمل علاقات دعائية واذا كنت قد تأخرت في الشهرة أو التقدير لا اندم علي ذلك فعندما عرفوني الناس عرفوني كما ينبغي وأشعر بتقدير كبير جدا ممن يقرأوني وأشعر اني واصل اللي اعماقهم .
- هل تعتبر أنك وكتاباتك إمتداد للسير الشعبية والمواويل ؟
- أكيد لأني من من تأثروا جدا بالسير الشعبية والمواويل بالفلكلور عموما ودارس له أيضا وفي اعتقادي ان هذا ضروري لاي كاتب أن يكون ملم بفلكلوره القومي فيساعدة علي فهم طبيعة وأعماق الشخصية القومية التي ينتمي اليها ومن حسن حظي اني اتصلت مبكرا بهذا الفلكللورعن طريق السير الشعبية حيث لم يكن الراديو انتشر في القري فكانت السير هي الوسيلة الوحيدة للتسلية ولشغل وقت الفراغ ولكن هي في حقيقة أمرها ليست للتسليه فحسب ولكنها تحمل رسائل أخلاقية ووطنية عميقة جدا وفي إعتقادي ان هذه الرسائل التي رسختها السير الشعبية وعناصر الفلكلور المصري هي رسائل خالدة ومن يتصل بها في اي وقت سيتعلم منها ما لا يمكن أن يتعلمه في الكتب وأنا استفدت منها أضعاف استفادتي من الأدب العالمي لذلك أنا كاتب مصري بالمعني الحقيقي .
- نلاحظ دائما أنك تعتمد علي التفاصيل وتقنية رسم البورترية في أعمالك الأدبية ؟
- لابد أن تقوم الرواية علي شخصيات التي لابد من رسمها اذا فالبورترية مأخوذ من الرواية وليس العكس فالشخصية كي يحسها القاريء جيدا يجب ان يعرف تفصيلها بالكامل من ملامح وافكار وعندما كتبت البورترية كنت متأثر بالرواية ولكي اتدرب فيه علي رسم شخصيات الرواية لذلك البورترية تابع للرواية وليس العكس .
- ما الهدف وراء مبادرتك بعقد مؤتمر للقصة القصيرة ؟
- القصة القصيرة فن عظيم يتعرض للاهمال رغم أنه جدير ان ينتعش فهو من أكثر الفنون افادة فتأثير فن الرواية بطيء التأثير أما القصة فن سريع التأثير فان صح ووجد كتاب موهوبين يصبح كالجرعة الدوائية التي تعالج المجتمع علاج فوري ولكن علي مدار الخمسة وعشرين عام الماضية تعرضت القصة للاهمال بعد رحيل يوسف ادريس وتوقف عدد كبير من كتاب القصة ثم اتجه الكتاب للرواية واحجمت دور النشر عن نشرها والصحف توقفت عن نشر القصة القصيرة أيضا فكادت أن تموت، فالهدف من المؤتمر هو احياء هذا الفن مرة أخري عن طريق البحث في قضاياها لماذا تراجعت ،كيفية بعثها من جديد كيفية إقناع دور النشر من إمكانية نشر مجموعات قصصية جيدة وكيفية ارجاع الصفحة الفنية في الصحف لنشر القصة القصيرة مثلما كانت سابقا وأيضا هو تنبية للكتاب الجدد أن هذا الفن فن عظيم يجب عليهم أن يتدربوا عليه ويمارسوه .
كتب/
البدايله
السبت، 26 سبتمبر 2009
تابعونا
0 التعليقات