Related Posts with Thumbnails
البدايـــلة
البدايـــلة
كتب/ البدايله الاثنين، 24 مايو 2010

  (3) بقلم // نصر القوصى

عندما أحس الشيخ لبيب بقرب أجله أجلس ابنه محمد إلى جواره لم يكن الشيخ العجوز يود أن يوصي ابنه بشيء على وجه الدقة لكنه فقط أراد أن يخبره بشيء ما لذلك فقال له بعامية فصحة سوف أترك لك ميراثا كبيرا

ابتسم الابن في وجه أبيه وظن أنه يضحك معه فهو يعرف أن أبوه لا يملك من الدنيا سوى الستر فلا أرض يملكها ولا أموال طائلة في البنوك ويبدو أن الأب العجوز فهم المعنى الحقيقى لأبتسامة أبنه فعاجله قائلا ألا يكفي ان يظل اسم أبيك (الشيخ لبيب محمد يوسف الشقيري) محفورا في معابد الكرنك جنبا إلى جنب مع أعظم الملوك الذين بنوا أعظم حضارة عرفتها البشرية

ويبدو أن الشيخ العجوز كان يتنبأ في تلك الليلة قبل ما يزيد على نصف قرن من اليوم بما سوف يحدث فها هو اسمه يطلق على أقدم مخزن للآثار في معابد الكرنك بالأقصرالتاريخية

ويفخر أهالي الأقصر كثيرا بالشيخ الراحل لبيب الشقيري ويطلقون عليه لقب (حارس آثار مصر) ويقولون إن الراحل الكبير عمل حارسا لأكبر ثروة أثرية في مصر في وقت لم يكن أحد يجرؤ فيه على القيام بتلك المهمة قبل ما يزيد على نصف قرن مضى

ابنة الشيخ لبيب الحاجة زينب لا تعلم الكثير عن والدها هي فقد كانت صغيرة عندما رحل عن الدنيا عندما توفي الشيخ لبيب كانت زينب لا تزال طفلة تلهو مع أخواتها وسط آثار الكرنك العظيمة ولم تكن تدرك حينذاك بقيمة ما يحرسه أبوها من آثار لكنها تضيف كان يعرف قيمة ما يحرسه لكنه في الوقت ذاته كان رجلا طيبا في غاية التواضع والأمانة وكنت أسمعه دائما وهو يقول لأمي هذا مال الحكومة لازم أحافظ عليه زي عيالنا

تتذكرالحاجة زينب الملقبة ب (أم أبو العقارب ) جيدا كيف كانت والدتها

تطلب منها أن تذهب بالطعام إلى أبيها في المعبد وتقول كان هذا الأمر بالنسبة لي شيىء يدعو للفرحه فقد كان ذلك يعني أن يمنحني ابي مليما أحمر وهى (عملة مصرية قديمة ) كما كان المشوار إلى المعبد يمنحني فرصة ان ألعب مع زميلاتى من البنات

تحكي الحاجة زينب بطريقة تكشف عن طيبة فطرية كيف دفن والدها ذات ليلة تمثالاً صغيراً في أرضية المعبد بعدما وجد نظرة غدر في عين أحد الزوار وكأنما كان يعبر بذلك عن خشيته من ان يسرق هذا التمثال فأراد أن يحبسه في الأرض

يبلغ محمد الابن الأكبر للشيخ لبيب من العمر اليوم 73 عاما ويتذكر جيدا زيارة الملك فاروق ملك مصر السابق لمعابد الكرنك ويقول لم أكن أتجاوز السادسة عشرة من عمري عندما زار الملك فاروق الكرنك انقلب الهدوء في المكان إلى ضوضاء شديدة وفكر الناس وقتها في حيلة ماكرة لاستدرار عطف الملك فارتدوا الثياب الممزقة على أجسادهم علهم ينالون منه أموال لكن ذلك لم يحدث

يحكي محمد الابن الأكبر للشيخ لبيب حارس كنوز الكرنك كيف دخلت سيارة الملك إلى ساحة المعبد العتيق وكيف قابل الملك نظرات الناس في ذلك اليوم بمزيج من الكبرياء والغرور ويقول لم يعجب ذلك والدي فدعا عليه ولم تمر سوى سنوات قليلة على تلك الزيارة حتى استجاب الله لدعائه وخرج الملك من مصر إلى المنفى

دفعني الفضول قبل أن أغادر المكان لأن أسأل الحاجة زينب عن سر تسميتها ب (أم أبوالعقارب) فقالت وهي تضحك إن ابنها محمد كان في طفولته يستخدم العقارب للهروب من الذهاب إلى المدرسة فقد كان يدعي المرض وعندما نحاول معرفة ما به نجد عقربا ميتا بين طيات ملابسه فنعتقد أنها قد لدغته ويكون من الطبيعي أن يجلس في البيت أسابيع حتى يشفى من لدغة العقرب وعندما تكرر الأمر بصورة لافته راقبناه فوجدناه يصطاد العقارب ويضعها بيده داخل ملابسه حتى لا يجبر على الذهاب إلى المدرسة فأطلق الجيران عليه لقب (أبو العقارب ) وظللت أحمل هذا الأسم الى الأن

0 التعليقات

choose your language

ضع ايميلك للحصول على كل جديد المدونة

ضع ايميلك هنا ليصلك كل جديد المدونة:

Delivered by FeedBurner

حكمة اليوم

الاعلى قراءة

حمل أهم البرامج لجهازك